اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح مختصر زاد المعاد
36684 مشاهدة
قدر ما يقرأ به في الصلوات الخمس

...............................................................................


أما القراءة، لا شك أن الصلاة مشروع فيها شيء من القرآن قليل أم كثير قال الله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ أخذ بعض العلماء بهذه الآية، وقال: يجزئ ما تيسر من القرآن وإن لم يقرأ الفاتحة. آخرون قالوا -وهو الصواب- أن الآية فيما زاد على الفاتحة: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ أي: بعد قراءتكم للفاتحة.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو القدوة يقرأ زيادة على الفاتحة، ففي صلاة الظهر والعصر كان يقرأ، وسئل خباب -رضي الله عنه- هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال: نعم. قيل: كيف تعرفون أنه يقرأ؟ فقال: باضطراب لحيته يعني أنهم راقبوا لحيته، وإذا هي تتحرك فعلموا أنه يقرأ مع أنه يسر في القراءة في الظهرين.
قدرت قراءته في صلاة الظهر بنحو ثلاثين آية أي: بنحو الم السجدة وهي ورقة ونصف ورقة أي: أنه كان يقرأ بها -يقرأ بها في الركعتين الأوليين من الظهر، وتارة يزيد على ذلك ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل في الصلاة، ويذهب بعضهم إلى البقيع ويقضي حاجته، ويرجع إلى أهله، ويتوضأ، ويأتي إلى المسجد ويدرك الركعة الأولى دليل على أنه يطيل الركعة الأولى من الظهر.
معلوم مثلا أنهم يسمعون الإقامة وهم في بيوتهم، فيذهب أحدهم، ويخرج من البلد إلى البقيع شرق المدينة ويجلس ويقضي حاجته أن يتبول أو نحو ذلك، ثم بعد ذلك يرجع إلى بيته، ثم يتوضأ، ثم يذهب إلى المسجد، فيجده في الركعة الأولى. يقدر مثلا أنه يبقى نحو خمس دقائق في الركعة الواحدة، وربما تصل إلى عشر دقائق يعني ذهابه إلى البقيع قد يستغرق ثلاث دقائق وكذلك رجوعه وكذلك جلوسه على حاجته وجلوسه أيضا يتوضأ قد يبلغ عشر دقائق، مما يدل على أنه يطول الصلاة يطول الركعة الأولى، ولعله يتعمد حتى يدركوها؛ وذلك لأن الظهر تقع في وقت القيلولة وشدة الحر، والكثير منهم في بيوتهم - يعني مستظلين بظل البيوت- فإذا سمعوا النداء، أو إذا سمعوا الإقامة انتبهوا للصلاة.
وكذلك أيضا لا بد أنه يطيل الركعة الثانية، وأما الركعتين الأخيرتين من الظهر ومن العصر ومن العشاء والأخيرة من المغرب، فإنه يخففها -يقتصر فيها على قراءة الفاتحة.
هذا هو المعروف كذلك أيضا صلاة العصر روي أنه يقصرها أقل من الظهر أي: يجعلها على النصف، فإذا قرأ في الركعة في الظهر صفحتين، قرأ في العصر صفحة يعني على النصف؛ وذلك ليحصل الفرق بينهما، فالظهر تسمى الأولى ويطيلها حتى يتلاحقوا ويتداركوا، وإن كان لصلاة العصر أهمية وفضيلة ورد فيها فضائل كثيرة، ومع ذلك فإنهم قد يحتاجون إلى التخفيف؛ لأنهم ينصرفون إلى أعمالهم وإلى حرفهم وتجاراتهم وما أشبه ذلك.